فصل: قال ابن عاشور:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



أو من كل موضع من مواضع بدنه.
وقال الأخفش: المراد بالموت هنا البلايا التي تصيب الكافر في النار، سماها موتًا لشدّتها: {وَمَا هُوَ بِمَيّتٍ} أي: والحال أنه لم يمت حقيقة فيستريح.
وقيل: تعلق نفسه في حنجرته فلا تخرج من فيه فيموت، ولا ترجع إلى مكانها من جوفه فيحيا، ومثله قوله تعالى: {لاَ يَمُوتُ فِيهَا وَلاَ يَحْيَا} [الأعلى: 13]، وقيل: معنى: {وما هو بميت} لتطاول شدائد الموت به وامتداد سكراته عليه، والأولى تفسير الآية بعدم الموت حقيقة لما ذكرنا من قوله سبحانه: {لاَ يَمُوتُ فِيهَا وَلاَ يَحْيَا} وقوله: {لاَ يقضى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُواْ وَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مّنْ عَذَابِهَا} [فاطر: 36]: {وَمِن وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ} أي من أمامه، أو من بعده عذاب شديد.
وقيل هو الخلود.
وقيل حبس النفس.
{مَّثَلُ الذين كَفَرُواْ بِرَبّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ} قال سيبويه: مثل مرتفع على الابتداء، والخبر مقدّر، أي: فيما يتلى عليكم مثل الذين كفروا وبه قال الزجاج.
وقال الفراء: التقدير: {مثل} أعمال الذين كفروا فحذف المضاف.
وروي عنه أنه قال بإلغاء مثل.
والتقدير الذين كفروا بربهم أعمالهم كرماد.
وقيل هو: أعني: {مثل} مبتدأ وخبره: {أعمالهم كرماد} على أن معناه الصفة، فكأنه قال صفتهم العجيبة أعمالهم كرماد.
والمعنى: أن أعمالهم باطلة غير مقبولة، والرماد ما يبقى بعد احتراق الشيء، ضرب الله سبحانه هذه الآية مثلًا لأعمال الكفار في أنه يمحقها كما تمحق الريح الشديدة الرماد في يوم عاصف، ومعنى اشتدّت به الريح: حملته بشدّة وسرعة، والعصف شدّة الريح، وصف به زمانها مبالغة كما يقال: يوم حار ويوم بارد، والبرد والحر فيهما لا منهما: {لاَّ يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُواْ على شَئ} أي: لا يقدر الكفار مما كسبوا من تلك الأعمال الباطلة على شيء منها، ولا يرون له أثرًا في الآخرة يجازون به ويثابون عليه، بل جميع ما عملوه في الدنيا باطل ذاهب كذهاب الريح بالرماد عند شدة هبوبها.
والإشارة بقوله: {ذلك} إلى ما دلّ عليه التمثيل أي: هذا البطلان لأعمالهم وذهاب أثرها: {هُوَ الضلال البعيد} عن طريق الحقّ المخالف لمنهج الصواب، لما كان هذا خسرانًا لا يمكن تداركه سماه بعيدًا.
وقد أخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن ابن عباس في قوله: {لَنُخْرِجَنَّكُمْ مّنْ أَرْضِنَا} الآية، قال كانت الرسل والمؤمنون يستضعفهم قومهم، ويقهرونهم، ويكذبونهم، ويدعونهم إلى أن يعودوا في ملتهم، فأبى الله لرسوله والمؤمنين أن يعودوا في ملة الكفر، وأمرهم أن يتوكلوا على الله، وأمرهم أن يستفتحوا على الجبابرة، ووعدهم أن يسكنهم الأرض من بعدهم، فأنجز لهم ما وعدهم.
واستفتحوا كما أمرهم الله أن يستفتحوا.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة في الآية قال: وعدهم النصر في الدنيا والجنة في الآخرة، فبين الله من يسكنها من عباده فقال: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبّهِ جَنَّتَانِ} [الرحمن: 46] وإن لله مقامًا هو قائمه، وإن أهل الإيمان خافوا ذلك المقام فنصبوا ودأبوا الليل والنهار.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله: {واستفتحوا} قال: للرسل كلها يقول استُنصروا، وفي قوله: {وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ} قال: معاند للحقّ مجانب له.
وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة في الآية قال: استنصرت الرسل على قومها: {وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ} يقول: عنيد عن الحق معرض عنه، أبى أن يقول لا إله إلاّ إله.
وأخرج ابن جرير عن إبراهيم النخعي قال: العنيد الناكب عن الحق.
وأخرج أحمد، والترمذي، والنسائي، وابن أبي الدنيا، وأبو يعلى، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني، وأبو نعيم في الحلية، وصححه، وابن مردويه، والبيهقي عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: {ويسقى مِن مَّاء صَدِيدٍ يَتَجَرَّعُهُ} قال: «يقرب إليه فيتكرهه، فإذا دنا منه شوى وجهه، ووقعت فروة رأسه، فإذا شربه قطع أمعاءه حتى تخرج من دبره. يقول الله تعالى: {وَسُقُواْ مَاء حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءهُمْ} [محمد: 15]. وقال: {وَإِن يَسْتَغِيثُواْ يُغَاثُواْ بِمَاء كالمهل يَشْوِى الوجوه} [الكهف: 29]».
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عباس في قوله: {مِن مَّاء صَدِيدٍ} قال: يسيل من جلد الكافر ولحمه.
وأخرج عبد بن حميد، وابن أبي حاتم عن عكرمة قال: {مِن مَّاء صَدِيدٍ} هو القيح والدم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {وَيَأْتِيهِ الموت مِن كُلّ مَكَانٍ} قال: أنواع العذاب، وليس منها نوع إلاّ الموت يأتيه منه لو كان يموت، ولكنه لا يموت لأن الله يقول: {لاَ يقضى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُواْ} [فاطر: 36].
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ميمون بن مهران: {وَيَأْتِيهِ الموت مِن كُلّ مَكَانٍ} قال: من كلّ عظم وعرق وعصب.
وأخرج أبو الشيخ في العظمة، عن محمد بن كعب نحوه.
وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن إبراهيم التيمي قال: من موضع كل شعرة في جسده: {وَمِن وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ} قال: الخلود.
وأخرج ابن المنذر عن الفضيل بن عياض: {وَمِن وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ} قال: حبس الأنفاس.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {مَّثَلُ الذين كَفَرُواْ بِرَبّهِمْ} الآية قال: مثل الذين عبدوا غيره فأعمالهم يوم القيامة كرماد اشتدّت به الريح في يوم عاصف، لا يقدرون على شيء من أعمالهم، ينفعهم كما لا يقدر على الرماد إذا أرسل في يوم عاصف. اهـ.

.قال القاسمي:

{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُم مِّنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا}
يخبر تعالى عما توعد به الكافرون رسلهم، لما رأوهم صابرين متوكلين، لا يهمهم شأنهم من الإخراج من الأرض، والنفي من بين أظهرهم، أو العود في ملتهم. والمعنى: ليكونن أحد الأمرين.
والسبب في هذا التوعد- كما قال الرازي- أن أهل الحق في كل زمان يكونون قليلين، وأهل الباطل يكونون كثيرين. والظلمة والفسقة يكونون متعاونين متعاين. فلهذه الأسباب قدروا على هذه السفاهة. فإن قيل: يتوهم من لفظ العود أنهم كانوا في ملة الكفر قبل! أجيب: بأن عاد بمعنى صار. وهو كثير الاستعمال بهذا المعنى، أو الكلام على ظنهم وزعمهم أنهم كانوا من أهل ملتهم قبل إظهار الدعوة. أو الخطاب للرسل ولقومهم، فغلبوا عليهم في نسبة العود إليهم.
وقوله تعالى: {فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ} الخ وعد صادق للرسل، وبشارة حقة. كما قال تعالى: {وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ} [الصافات: 171- 173]، وقال تعالى: {وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا} [الأعراف: من الآية 137]، والآيات في ذلك كثيرة. والإشارة في {ذلك} إلى الموحى به وهو إهلاك الظالمين وإسكان المؤمنين. وقوله: {لِمَنْ خافَ} إلخ، أي: للمتقين؛ لأنهم الموصوفون بما ذكر كقوله: {وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} [الأعراف: من الآية 128]. والمقام إما موقف الحساب، فهو اسم مكان، وإضافته إليه سبحانه لكونه بين يديه، أو مصدر ميمي، بمعنى: حفظي وقيامي لأعمالهم ليجازوا عليها. أو مقحم للتفخيم والتعظيم كما يقال: المقام العالي. وياء المتكلم في {وعيد} محذوفة للاكتفاء بالكسرة عنها في غير الوقف.
قال السمين: أثبت الياء هنا وفي في موضعين: {كلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ} [ق: من الآية 14]،: {فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ} [ق: من الآية 45]، وصلًا، وحذفها وقفًا ورش عن نافع. وحذفها الباقون وصلًا ووقفًا.
وقوله تعالى: {وَاسْتَفْتَحُواْ} أي: سألوا من الله الفتح على أعدائهم، أو القضاء بينهم وبين أعدائهم. من الفتاحة وهي الحكومة كقوله: {رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَق} [الأعراف: من الآية 89]، فالضمير: للرسل، وقيل: للكفرة، وقيل: للفريقين، فإنهم سألوا أن ينصر المحقّ ويهلك المبطل. وقوله: {وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ} أي: فنصروا عند استفتاحهم وأفلحوا: {وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ} وهم قومهم. أو استفتح الكفار على الرسل وخابوا ولم يفلحوا. وإنما قيل: {وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ} ذمًا لهم وتسجيلًا عليهم بالتجبر والعناد. أو استفتحوا جميعًا فنَصَرَ الرسلَ وأنجز لهم الوعد، وخاب أعداؤهم. والجبار المتكبر على طاعة الله تعالى وعبادته. والعنيد المعاند للحق، كخليط بمعنى مخالط.
{مِّن وَرَائِهِ جَهَنَّمُ} جملة في محل جر صفة لـ {جبار} كناية عن تطلبها له وترصدها إياه، ومن تطلب شيئًا وترصده أدركه لا محالة. وقيل: على تقدير مضاف، أي: من وراء حياته وانقضاء عمره: {وَيُسْقَى مِن مَّاء صَدِيدٍ} وهو ما يسيل من جوف أهل النار، قد خالط القيح والدم.
{يَتَجَرَّعُهُ} أي: يتكلف تجرعه لقهره عليه: {وَلاَ يَكَادُ يُسِيغُهُ} لخبثه: {وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ} أي: تحيط به أسبابه من الأهوال، وما هو بمستريح مما نزل به: {وَمِن وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ} أي: شديد متصل لا ينقطع.
{مَّثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ}
المثل مستعار للصفة التي فيها غرابة. شبه تعالى أعمالهم اللاتي كانوا يعملونها لأوثانهم أو يراؤون بها- كإنفاق الأموال وعقر الإبل للضيفان، في حبوطها؛ لكونها على غير تقوى وإيمان- برماد طيرته الريح العاصف. وقوله تعالى: {لاَّ يَقْدِرُونَ} إلخ، مستأنف، فذلك للتمثيل بمعنى المقصود منه ومحصل وجهه، أي: لا يقدرون يوم القيامة مما كسبوا من أعمالهم على شيء منها، أي: لا يرون له أثرًا من ثواب، كما لا يقدر، من الرماد المطير في الريح، على شيء.
قال أبو السعود: الاكتفاء ببيان عدم رؤية الأثر لأعمالهم للأصنام، مع أن لها عقوبات هائلة؛ للتصريح ببطلان اعتقادهم وزعمهم أنها شفعاء لهم عند الله تعالى، وفيه تهكم بهم. وفي توصيف الضلال بالبعد، إشارة إلى بعد ضلالهم عن طريق الحق أو عن الثواب.
و{اشتد به} من شد بمعنى عدا والباء للتعدية أو ملابسة. أو من الشدة بمعنى القوة، أي: قويت بملابسة حمله. والعصف قوة هبوب الريح، وصف به زمانها على الإسناد المجازي، كـ: نهاره صائم وخبر {مثل} محذوف أي: فيما يتلى عليكم. وجملة: {أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ} مستأنفة جوابًا لسؤال: كيف مثلهم؟ أو {أعمالهم} بدل من {مثل} و{كرماد} الخبر.
وهذه الآية كقوله تعالى: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا} [الفرقان: 23]. وقوله تعالى: {مَثَلُ مَا يُنْفِقُونَ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} [آل عِمْرَان: 117]. وقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا لا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ} [البقرة: 264]. اهـ.

.قال ابن عاشور:

{وَقَالَ الذين كَفَرُواْ لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِّنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ في مِلَّتِنَا فأوحى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظالمين}: {وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الأرض مِن بَعْدِهِمْ}.
تغيير أسلوب الحكاية بطريق الإظهار دون الإضمار يؤذن بأن المراد بـ: {الذين كفروا} هنا غير الكافرين الذين تقدمت الحكاية عنهم فإن الحكاية عنهم كانت بطريق الإضمار.
فالظاهر عندي أن المراد بـ: {الذين كفروا} هنا كفار قريش على طريقة التوجيه.
وأن المراد بـ: {رُسُلِهم} الرسولُ محمّد صلى الله عليه وسلم أجريت على وصفه صيغة الجمع على طريق قوله: {الذين كذبوا بالكتاب وبما أرسلنا به رسلنا فسوف يعلمون} في سورة غافر [70].
فإن المراد المشركون من أهل مكة كما هو مقتضى قوله: {فسوف يعلمون} وقوله: {لقد أرسلنا رسلنا بالبينات} إلى قوله: {وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب} [سورة الحديد: 25]، فإن المراد بالرسل في الموضعين الأخيرين الرسول محمد عليه الصلاة والسلام لأنه الرسول الذي أنزل معه الحديد، أي القتال بالسيف لأهل الدعوة المكذبين، وقوله: {فكذبوا رسلي} في سورة سبأ [45] على أحد تفسيرين في المراد بهم وهو أظهرهما.
وإطلاق صيغة الجمع على الواحد مجاز: إما استعارة إن كان فيه مراعاة تشبيه الواحد بالجمع تعظيمًا له كما في قوله تعالى: {قال رب ارجعون} [سورة المؤمنون: 99].